الجمعة، 22 أكتوبر 2010

انطباعات عن الشخصية السعودية (1)



هشام محمود يوسف


فعل الكتابة الاجتماعية، الراصدة، أو الناقدة، أو حتى تلك المستطلعة، من أهم الأفعال الكتابية؛ بل وأصعبها، التي يجب أن تؤخذ باهتمام؛ وينصت لها الجميع بعناية فائقة، فعندما ترى مجتمعًا ما من خلال أبعاد تحليلية؛ فإنك لامحالة، ستبصر الحقيقة بأمِّ عينيك دون التحدث عنها فقط.

والكتابة عن قضايا المجتمع وطبيعته ليست جانبًا سلبيًا محضًا مهما كانت مفعَمة بالسلبيات أو غيرها، بل كلما كان المجتمع أكثرَ وضوحًا في قيمه وثقافته المتبادلة بين مواطنيه؛ دلَّ ذلك على واقع هذا المجتمع ووضوحه دون رتوش..، وكلما كان المجتمع يصعب فهمه كان ذلك دليلاً على ازدواجية خطيرة بين أنساقه الثقافة الاجتماعية..



وفعل الكتابة إذا صدر عن راصد ليس من رعايا ذلك المجتمع، مثل انطباعات المقيمين فيه، والزائرين له؛ تزداد أهميته؛ ففي علم الإنسانيات والاجتماعيات، يعدُّ الغرباء هم جماعة الاستبصار الذين يمنحون الباحث المعلومات والانطباعات الحقيقية عن المجتمع بحكم أنهم لم يكتشفونه بعد؛ وأحيانًا اقترابنا من اللوحة قد يحجب بعض تفاصيل الرؤية الجيدة، ومن هنا تأتي مسافة البعد مهمة لتتضح الرؤية.



وهكذا فعلت في تحرير هذه الجزئية عن الشخصية السعودية المعاصرة التي يمثّل الحديث عنها أهمية بالغة؛ في وقت يشهد فيه المجتمع السعودي تغيّرات مهمة وطفرة أخرى اقتصادية غير تلك التي حدثت في مطلع عقد التسعينيات الهجرية /السبعينيات الميلادية وباتت هذه ا لتغيّرات مثار نقاش على كل المستويات .. و الوعي بهذا التغيّر الذي أصاب الشخصية السعودية كفيل بأن نتلّمس الأزمة التي يعيشها مجتمعها، التي لم تعد مجرد مشكلة على مستوى الفرد بل تجذرت وازدادت عمقًا ..



ثمة حقيقة لابد من تجليتها وكشفها؛ وهي أنني أكن ودًا وحبًا كبيرين لهذا الكيان المسلم والعربي الكبير..المملكة العربية السعودية ؛ حتى لا يُفهم هذا العمل المتواضع خطأً؛ ويبدو بعيدًا عمّا أردتُ أن يظهر عليه من تقديم صورة مفصّلة للشخصية العربية السعودية دون مجاملة كما عايشتها، وكما لامستها، وهي صورة بالطبع بشرية ! ودعونا نتعامل معها على أنها من الكائنات البشرية التي تصيب وتخطيء! وتجد وتلهو ! بل وتأكل وتمرض، وتمشي في الأسواق وما أكثرها!



ولنكن موضوعيين في ا لحديث عنها حتى لا تحتمل أكثر مما تحتمله ؛ فعدم الحديث عنها بهذا الشكل في زعمي قد سبّب لها بعض المشكلات التي ثارت في جنبات الإعلام الدولي..؛ فهي إذن شخصية بها قدر من الإيجابية و بها قدر أيضًا من السلبية.. ولعل الله تعالى يوفقني في رصد كل منها على حدة بحياد دون شطط.. وتجريح أو نيل من أحد..؛ فهي قراءة للمجتمع الذي عشتُ فيه ردحًا من الزمن ـ وأتمنى له كلّ خير وازدهار.
إنني أومن ـ ومازلت ـ أن المجتمع السعودي في العقد الأخير كان أكثر المجتمعات العربية والإسلامية التي تعرّضت للظلم البيّن خارجيًا ؛ كما كان ضحيةً لأحداث مؤلمة داخليًا؛ فتعرّض مواطنوه لأحداث إرهابية راح ضحيتها المئات من الأبرياء من المواطنين والمسلمين والعرب والمستأمنين بغير وجه حق ..



لقد تعاملتُ بحكم عملي الإعلامي في المملكة مع شرائح مختلفة من المجتمع السعودي .. علمائه ونخبه؛ والسواد الأعظم لأكبر من هذا المجتمع العربي المسلم..؛ فألفيتهم مجتمعًا ودودًا بشوشًا هاشًا، باشًا، متدينًا؛ يحرص كل الحرص على أن يلم بأساسيات العلم الشرعي الذي تقوم بها شؤون حياتهم وتعاملاتهم.. يتحرّى معظمه الحلال وإن وجدتَ بعض الملاحظات عليهم! و لكن الخير ستجده في الغالبية منهم.. يُكِنون للعلماء وطلبة العلم الشرعي كل احترام وحب وتقدير؛ ويعدونهم قدوتهم ؛ فلاعجب من أن تراهم دائمًا يتحرون سؤالهم في كل ما يُشكل عليهم من أمور دينهم .. ويسعون دائمًا إلى التجمّل في الأعمال حتى تصل إلى درجة التمام وإن اختلفوا في درجات التدين أو دركات الانخراط في الملذات!



كان للحوار الوطني مفعول السحر في المجتمع السعودي؛ إذ فتح آفاقًا واسعة للقضايا والموضوعات محل التناقش والتدارس والتحاور و التباحث والتواصل والتفاعل مع الآخر المحلي والإقليمي والدولي؛ وكان من آثاره المتفتحة الكبرى انطلاق الرؤى الوطنية التي قدّمت آراء ناقدة، مقوّمة لمسيرة الشخصية السعودية؛ ولعل ذلك من الأسباب التي شجعتني على تسويد هذه الصفحات جنبًا إلى جنب مع ظهور بعض الظواهر السلبية خصوصًا في الأجيال اللاحقة، ومنها سمة السلبية واللامبالاة وتضخم (أنا) التي ضجت بها الشخصية السعودية بشكل واضح، تعكسه المواقف اليومية في الحياة السعودية: أماكن العمل وفي الشوارع ناهيك عن رحلاتهم السياحية..



مؤتمرات الحوار الوطني الثمانية وربما التسعة ـ كانت فرصة مناسبة لتدشين أول قاعدة ثقافية يمكن الانطلاق منها نحو صياغة خطاب ثقافي وطني؛ وتخفيف حدة التمظهرات الثقافية الخاصة. ولكن رويدًا رويدًا سرعان ما أن تحوّلت إلى ساحة لاستعراض الثقافات الخاصة وليس لالتقائها فضلاً عن الاتفاق على الحد الأدنى بين رعاتها من أسس خطاب ثقافي وطني مشترك..؛ فقد عاد رعاة الثقافات الخاصة من المؤتمرات وهم أشد التصاقًا بالذات الثقافية الخاصة، سوى بعض التعبيرات المبهمة، والمتوهمة وذات الصبغة الدبلوماسية بحسب مقتضى حال الحوار الوطنى! والتي تبعث ـ أي تلك التعبيرات ـ مجرد إشارات اطمئنان خافتة وفي بعض الأحيان غامضة.



ربما كان مطلوبًا إلى مركز الحوار الوطني أن يولي ضمن استهدافاته الرئيسة اهتمامًا بتنشئة خطاب ثقافي وطني، لا أن يكون مجرد إطار لملتقى الفرقاء. فما خطط له المسؤولون عنه لإشاعة ثقافة وطنية ربما لم تثبت النتائج العملية نجاحها، والسبب في رأيي أنه قد يعزو إلى توهُّج بعض الثقافات الخاصة فضلاً عن أن الثقافة السعودية ـ إن جاز هذا التعبير - لم تكن تمتلك مقومات حقيقية؛ فقد أعيد طلاء الخطاب الثقافي التقليدي بلون سعودي فحسب!



لذلك رأيت أهمية أن أعزِّز رأيي بشواهد من كتّاب ومفكرين سعوديين أنفسهم حول هذه الشخصية المحيّرة.. مبتدئًا بمفهوم الشخصية السعودية والتغيّر الذي طرأ عليها؛ فمن الثابت أن الملامح العامة للشخصية السعودية التي ميزتها لفترات طويلة قد طرأ عليها تحولات متنوعة ـ إلى حد كبير ـ ألقت بظلالها عليها بالرغم من وجود جهود متناثرة هنا وهناك بذلت لرصد بعض جوانب هذا التغيّر في ظل غياب خطة عامة موجهة لهذا التغيّر الحادث في هذه الشخصية؛ وبالتالي في المجتمع السعودي من هنا تتجلّى أهمية وضع استراتيجية لتوجيه التغيّر في المجتمع السعودي نحو التحديث وإقامة مجتمع المعرفة..
ومن هنا حدّثت نفسي في تناول هذا الموضوع الشائك الذي قد يحدث جدلاً واسعًا ولكنه في الأخير جدل إيجابي؛ فحسبه محاولةً الاقتراب من الشخصية السعودية المعاصرة، وما تتعرّض له من عوامل مؤثّرة في ظل الظروف المحيطة.. مذيلاً إياه بآليات الضبط الاجتماعي. فقد تثار أسئلة بعينها: لماذا الشخصية السعودية؟ وماذا عن العروبة؟ وما الشخصية السعودية؟ والاهتمام بهذه القضية وإثارة الأسئلة بشأنها أمر إيجابي؛ يبشّر بأنها بدأت تأخذ بعضًا من الاهتمام وإن كان ليس بالقدر الذي تستحقه؛ فهي شخصية لا تحتاج إلى تعديل بقدر ما تحتاج إلى السعي لاستعادتها وإنقاذها من ممارسات دخيلة أحيانًا على أصالتها؛ ما يعني أن المطلوب: فهم الشخصية السعودية الأصيلة ودعم إيجابياتها وصقلها وإزاله الغبار الذي ترسَّب عليها والصدأ الذي لحق بها؛ فستر بهاءَها ذلك الذي عُرفت واشتهرت به؛ ما أعطى انطباعا خاطئًا عن جوهرها ومقوماتها الإيجابيه الدفينة فيها؛ وهي مقومات تبرز للسطح دائمًا وقت الأزمات والمحن ثم سرعان ما تتوارى بعد ذلك! .. وإني من المؤمنين بأصالتها رغم ما يصيب النفس من الإحباط أحيانًا بفعل الممارسات المكتسبة عليها !



فلا أعتقد مثلاً أن هذا القلق أو هذه التساؤلات المشروعة حول ما حدث للشخصية السعودية أو الحال الذي آلت إليه كان أكثر إلحاحًا منه اليوم من أي يوم مضى! والأسباب ليست خافية أو عصيّة؛ فالعالم كله يتأثر ببعضه وتجتاحه تيارات معينه تفرض نفسها بأساليب متنوعة والسعودية كوطن في موقع وفي موقف يجعلها أقل مقاومة أمام المتغيّرات والإغراءات والضغوط!!



و الاعتزاز بالشخصية السعودية هو جزء من الاعتزاز بالأصالة السعودية والتراث العربي الأصيل على مدى مراحله؛ وهو سلاحها في خضم كل ما يجرف العالم الآن من تغيّرات فكرية وسلوكية تتهدد الجميع؛ ما قد تفقد بها البشريه تنوعها المبدع؛ والخلاَّق الذي يستمد منه الكون قوته وتوازناته !
الشخصية السعودية شخصية أصيلة ؛ وفي كثير من الجوانب فريدة..الحفاظ عليها مسؤولية إسلامية؛ وعربية؛ ووطنية؛ وأخلاقية... وهي تأثرت في الفتره الأخيرة أكثر ما تأثَّرت عبر العقود الماضية؛ وذلك لأسباب كثيرة : دولية واقتصادية وسياسية... واليوم يبدو أن الشخصية السعودية والسلوك السعودي عمومًا أصبح مزيجًا من الثقافة الغربية وعلى الأخص الأمريكية في قشورها ومظاهرها وليس في مزاياها كمصادر قوتها والثقافة النفطية في قيودها دون إمكاناتها !



إنَّ الشخصيه السعودية التي استوعبت سائر مخرجات الحضارات التي لم تخطفها أي منها بل تواصلت معها تتأقلم ولا تتبدل .. تتأثّر دون أن تذوب فيها.. وهو أمر يعدُّ في حد ذاته علامة من علامات الأصالة التي أشرت وقلت عنها: إنها شخصية أصيلة..؛ فبقي لديها إلى اليومَ بصمات ولمحات وخصائص وسمات قد تصل بين اليوم والماضي السحيق.



والقضايا التي تثيرها مسألة الشخصية السعودية تتمثّل في العوامل الدينية ؛ والجغرافية؛ والتاريخية؛ والسياسية؛ والاقتصادية؛ والطبيعية؛ والاجتماعية؛ والثقافية؛ التي أثّرت في تكوينها؟ وما سماتها ومزاياها، كما بلورتها هذه العوامل؟ ثم ماهية العلاقة بين الشخصية السعودية أي الخصوصية الوطنية والعربية؟ هل هي علاقه تصادم وتنافس أو تعايش وتعاون؟

يُتبع ........



للتواصل: mohry2008@gmail.com


الاثنين، 11 أكتوبر 2010

هل يحتل الكتاب الإلكتروني مكان الكتاب المطبوع ؟!





إشكالية إحلال الكتاب الإلكتروني محل الكتاب المطبوع تصطدم بعقبة كأداء، تجعل مناقشتها من الصعوبة بمكان؛كون الأجيال المشغوفة بالكتاب المطبوع منحازة له ، وهي تمارس الكتابة له وعنه، أما الجيل الجديد المتجه إلى الكتاب الإلكتروني- إن صحت هذه التسمية- تعمل في مجاله وتدور في رحاه؛فتراها تتحمس له، ولا تكتب إلاعنه؛إذن نحن أمام جيلين قد يكون بينهما هوة متسعة، وما من علاقة تربط بينهما؛ لذلك هذه القضية يعوزها جيل محنك قادر على أن يكون له رؤية مستقبلية، وجيل حديث قادر على ألا يقطع صلته بالماضي والتراث.
وثمة تساؤل يحِّير الجميع :هل انقضى عصر الكتاب المطبوع على الورق؟ وهل بدأ عصر جديد تعتمد فيه القراءة على الكمبيوتر فحسب؟ التساؤل من هذه الناحية يعتمد على ثقافة الصراع لا الحوار،والإقصاء لا التفاهم والإبعاد لا التقارب؛فلماذا لا نعمل على أن يعيش الكتابان معاً جنباً إلى جنب، يعطي كل منهما الآخر، دون صراع أو منافسة أو اصطدام أو حتى إقصاء ؟!
لانشكك في أن التقدم المذهل والمتسارع في مجال الحاسب الآلي والبرمجيات والإلكترونيات يجعلنا قبالة عصر حديث ومتطور..،يثور على مطبعة جوتنبرج؛لتعتمد القراءة من ثم َّ على الشاشة الفضية الصغيرة، مبشرًا بانتهاء المكتبات العملاقة، وإن بقيت فسوف تصبح كتبها في حيز ضيق، توضع فيه اسطوانات مسجلة عليها آلاف الكتب، ويستطيع « القارئ» أن يتعامل معها في براعة ودقة، مستغنياً عن الأوراق، مكتفياً بما يمنحه إياه الحاسب الآلي، عارضاً المادة بشكل جديد، وبأسلوب يتفق مع هذا الجهاز، فضلاً عن استخدام السيناريو والرسوم.. ؛فقد يكون هذا التغيير ـ مثل أي تغيير ـ للأفضل أو للأسوأ.
فنحن نرفض أن يلغي هذا الجيل ما سبقه من أجيال ونقصي ملامحه ومفاهيمه؛فلكل عصر ملامحه ومفاهيمه ولابد أن يكون هناك تواصل واستمرار ومساعدة ومناولة في إطار يضمن ديمومة الحركة الثقافية والاجتماعية برمتها،وعلى الرغم من هذه الثورة التقنية الكبرى وبروز الكتاب الإلكتروني مناطحًا غريمه المطبوع؛ إلا أنني أجزم بأن الكتاب الإلكتروني لن يمكن أن يحل محل الكتاب الورقي المطبوع؛لكونه آلة تفتقد إلى التخاطب والتواصل ؛لن تعوّض معها متعة القراءة ،إذ الكتاب الورقي معروف عنه التواصل والحميمية بينه وبين قارئه؛فيستغرق الأخير معه و يستشعر رؤية المبدع،ويتسع خياله آفاقًا وأبعادًا أرحب ؛فهو الوسيلة المثلى لاستشعاره خيال المتلقي وتحفيزه نحو الإبداع..وهذا ليس انتقاصًا من دور الكتاب الإلكتروني الذي أتصور أنه له دور مهم جدًا باعتباره حافظًا للتراث العربي والإسلامي والإنساني؛وهذا شيء مهم ومطلوب حاليًا؛فبعد أن كنا نحتفظ بسجلات ومجلدات تملأ غرفًا ومستودعات؛باستطاعتنا الآن حفظ (500) مليون مجلد على أسطوانة مدمجة واحدة،وعربيًا كما هو عالميًا الكتاب الإلكتروني ،مازال عاجزًا على تقويض دور الكتاب الورقي الذي يمثّل أقدم وسيلة معرفية ...
ولكن ماذا عن المستقبل؟ في المستقبل يمكن لكل شيء أن يتغير لكن أي تغيير عندنا نحن العرب ،يبقى في إطار عاداتنا وسلوكنا،وهذا ينطبق على علاقتنا مع الكتاب أيضًا ؛إذن الكتاب باق،وهذه مسؤوليتنا كناشرين وكتَّاب ووزارات ومؤسسات معنية بالهم الثقافي والمعرفي ..
ومهما تعددت وسائط المعرفة وأوعية القراءة ووسائل المعلومات فستظل هناك حاجة إلى الكتاب الورقي الذي سيظل متوجًا على قمة الهرم المعرفي؛ومن الصعوبة بمكان أن يبعده أو يقصيه الكتاب الإلكتروني من مكانه أو يعيق مواصلة المسيرة في نشر المعرفة والوعي وتبادل الثقافات ،ورصد الحضارات ومعطياتها الإنسانية..أجزم بذلك بالرغم من كل الدلائل والمؤشرات التي توالت من الدول الغربية عن اختفائه وإحلال الكتاب الإلكتروني مكانه!
وبالرغم من التبشير بأننا سنعيش قريبًا عالمًا بلاورق ومكتبات بلاحوائط،وبالرغم مما وصل إليه عالمنا العربي من تطور في هذا المجال ،حيث ينشر به سنويًا أكثر من (2000) كتاب إلكتروني جديد ؛و أكثر من (100000)مائة ألف صفحة جديدة على الإنترنت؛فإن الإحصاءات لاتعضد هذه التنبؤات والمؤشرات والدلائل؛ففي العالم هناك (1,000,000) مليون كتاب ورقي ،يصدر سنويًا ويطبع منه مليار نسخة بالإضافة إلى(5000,000)ملايين دورية تصدر بأكثر من مليار نسخة وفي العالم العربي وحده (140) صحيفة يومية تطبع منها (10,000000)عشرة ملايين نسخة وحتى في الدول الغربية وأمريكا التي تعد من أولى دول العالم في النشر الإلكتروني ؛ نجد أن هناك زيادة مطردة ومحمومة في ارتفاع أرقام المبيعات حيث وصلت إلى أكثر من (60) بليون نسخة..ومن خلال تجاربنا ورصدنا نستطيع أن نؤكد أن الكتاب المطبوع مازال الطلب عليه أكبر بنسبة أربعة أضعاف الكتاب الإلكتروني،وهذا الواقع مدعوم بتاريخ القراءة،حيث مازال الكتاب أهم أداة للوصول إلى المعرفة والثقافة..
وإجمالاً يمكن القول : إن الكتاب الإلكتروني هوحصيلة التقدم العلمي تفنيًا في السياق العام للتطور الإنساني،وما ينبغي علينا هو الاستفادة من هذا التقدم وتطويعه لخدمة أغراضنا المعرفية والعلمية والبحثية..ومع هذا فإن مكانة الكتاب الورقي تبقى محفوظة؛لأن الكتاب لايعوض رغم ما تقدمه الإنترنت والوسائل التقنية الحديثة من أدوات للبحث وتتيح السرعة في التناول والاستفادة من المعلومة،ومع كل مايدور هنا وهناك في وطننا العربي من تعليقات وتخوفات من الزحف الخطير لهذا الجديد؛فينبغي ألا تخيفنا التقنية بل نحث أبناءنا على الأخذ بها وعلى النهل من القراءة أيضًا بتوفير كتب المطالعة وأن نسهل عليهم سبل الذهاب إلى دور المكتبات والمعلومات والتثقيف والترفيه المفيد جنبًا إلى جنب مع تعويدهم على حب الكتاب ونمد إليهم جسرًا عاطفيًا بينهما؛لأن تربية الطفل والنشء على القراءة هو جزء أصيل من حماية التراث؛فحينما نحقق ذلك لانخشى حينها على الطفل باتصاله بعالم المعلوماتية وبالتالي تتبدد المخاوف وتصبح النظرة إلى التطور العلمي إيجابية وليس كما يراه البعض اليوم صراعًا بين قديم وجديد..!

الأحد، 10 أكتوبر 2010

الفاطميون الجدد ...!



مهندس هشام نجار – USA


يُقَسّم المهتمون بسيرة الأخ العقيد القذافي تطورات حكمه إلى اربع مراحل أساسيه.

المرحله الأولى : إبتدأت مع إنقلابه العسكري واعتمدت على تصفية اعداد غفيره من الضباط سواءاً من رفاق الإنقلاب او من ضباطٍ مرموقين في الجيش الليبي, ولكي تمر خطواته بأقل ردود فعل محتمله, رفع شعار الوحده العربيه وقضايا التحرر العربي والعالمي والتي كانت في ذلك الزمن تملك بعض الرصيد عند بعض الشعوب العربيه مستفيداً مما تبقى للرئيس عبد الناصرمن شعبية .وبذلك تم له إفقار الجيش الليبي من العناصر ذات الكفاءه العاليه وافزع ضباط الجيش وعناصره  وشعب ليبيا بأجهزة مخابرات ذات إختصاصات متعدده كل منها لها وظيفتان الأولى كتم انفاس الشعب الليبي وجيشه والثانيه التجسس على افرعة المخابرات الأخرى.

المرحله الثانيه : وكانت تختص بتقمصه لدور المخطط والمنظر والمفكر فحوّل الأخ العقيد نفسه إلى ظاهره عجيبه جمعت كل علوم الدنيا والآخره , وخلال هذه المرحله عزل نفسه في خيمته منتظراً مجيئ الوحي والذي لم يصل,وكانت ثمرة هذا الإعتزال طرحه لكتابه الأخضر ونظريته الثالثه والتي أُخمدت في مهدها ولم تحقق له إيه سمعة أو شهره إسوة بباقي نظرياته الأخرى والتي ماتت قبل ان تولد .هذا الكتاب ايها الأعزاء المسمى بالأخضر لم يحقق اي إهتمام لأحد سواءاً داخل ليبيا أو خارجها, كل ما حققه كان ارهاق طلاب المدارس بإجبارهم على حفظ بعض فقراته  المرحله الثالثه: كانت قمة في التخبطات تخللها عمليات قتل تشريد وإعتقالات بسبب ما اصطلح على تسميته بالثوره الشعبيه تقليداً للرفاق ماو تسي تونغ  وكيم إيل سونغ  وستالين  ممزوجة ببهارات عربيه لإعطاء هذه المرحلة سمة عربيه.وقد كانت تلك الفتره مرحلة كالحة السواد مازالت ممتده حتى اليوم  المرحله الرابعه: وهي مرحلة إحداث الفتن وزرع بذور الشقاق بين مكونات الأمه وحرف الأمه العربيه والإسلاميه عن مسارها ,وتلقى هذه المرحله تأييداً غربياً وصهيونياً واسعاً تمشياً مع الجهر الغربي مؤخراً بشيطنة الإسلام والمسلمين. ومن بدع الأخ العقيد الشهيره في هذه المرحله دعوته لتبني الفكر الفاطمي الباطني التوجه .وهذه المرحله جديره بالتوقف عندها ليس بسبب الخشيه من قدرة العقيد التأثير على الآخرين ببث افكاره , فهذه امرها محسوم وفشلها مضمون حيث لم تحقق افكاره المضطربه وعلى مدار اربعين عاماً اي نجاح, ولكن اهمية هذه المرحله تكمن بطرح فكر منحرف من المفيد تسليط الأضواء عليه. وهنا اود ان اشكر الأخ العقيد لإتاحته الفرصه لي من خلال دعوته لهذا الفكر من مراجعة موضوع الدوله الفاطميه بإيجاز شديد من خلال مصادر حياديه ومشاركة القارئ الكريم بها  اعزائي القراء يركز العقيد القذافي في شرحه عن الفاطميين امام الجموع المُستَحضره والمجبره على سماع محاضراته على فكره مُبسّطه جداً لدغدغة مشاعر المستمعين تتلخص من ان الفاطميين هم من اتباع السيده فاطمه الزهراء رضي الله عنها وان دعوتهم هي إنتصار لأهل البيت واننا نحن العرب احق من الفرس بالتشيع لهم والإقتداء بهم, وعلينا ان نكون فاطميين حتى نعيد للأمه مجدها.\”

واعتبر القذافي أن الدولة الفاطمية هي أول دولة \”قامت في التاريخ!\” على حد تعبيره، مضيفاً: \”نحن أولى بالنبي وأولى بآل البيت، ونحن شيعة النبي، ونحن شيعة علي، ونحن شيعة أهل البيت.. وقد ظهرت جماعات حتى من داخل العرب ليس من حقها أن تحكم المسلمين ، ولكن بمساعدة الإنجليز .. ومساعدة الفرنسيس .. ومساعدة الدول الاستعمارية .. وأخيرا الأمريكان .. وحتى الإسرائيليون ، يدعمون أعوانهم ويمكنونهم من الحكم.\”.

هذا التبسيط إخوتي وأخواتي مضحك, فالفكره التي يحاول القذافي تسويقها هي ان المسلمين والذي يشكل السنه غالبيتهم الساحقه لايُودون ولايُبجلون ولايجلون اهل البيت , وهذه الفكره هي نتاج لمؤامره قديمه ظاهرها الإيمان وباطنها إفساد العقيده دُبرت في ليل إبتدأت بإغتيال سيدنا عمر رضي الله عنه مروراً بإغتيال سيدنا عثمان رضي الله عنه إنتهاءاً بالمؤمرات ضد الدوله الأمويه والعباسيه .ولكن بكل إعتزاز وفخر نقول إن من يجل رسول الله الكريم ويحترمه ومن يسأله ليلاً ونهاراً شفاعته سيكون آل بيت الرسول الكريم في موقع التبجيل  والإحترام فالخلفاء الراشدين هم قدوة لنا بعد رسول الله وفاطمة الزهراء والحسن والحسين رضي الله عنهم هم في قلوبنا وعقولنا وليتفضل السيد العقيد ان يأتينا بكتاب واحد من تأليف اهل السنة والجماعه فيه كلمة سوء واحده بحق آل البيت رضوان الله عليهم جميعاً ,بينما تمتلئ كتب بعض كتْاب من تشيع لآل البيت زوراً بعشرات الإهانات لإصحاب رسول الله وازواجه  إخوتي وأخواتي …ولكن من هم الفاطميون ؟

الدولة العبيدية أو ما تسمى بالدولة الفاطمية أُسست في تونس سنة ٢٩٧ هـ   وانتقلت إلى مصر سنة٣٦٢ هـ واستقرت بها وامتدت إلى أجزاء هامة من العالم الإسلامي، حيث شمل سلطانها الشام، والجزيرة العربية، وحاولت الوصول إلى بغداد، وكان عهد هذه الدولة عهد اضطراب، وفتن، وإيذاء لأهل السنة، وتمكين لأهل الذمة، وتخلل هذه الفترة أوضاع اقتصادية سيئة مثل الشدة العظمى زمن المستنصر التي أكل الناس فيها الكلاب والبشر، وإحراق القاهرة زمن الحاكم، والمصادرات التي كانت تتم على فترات متفرقة، والتعاون مع الصليبيين على المسلمين واهم خليفه لهم كان الحاكم بأمر الله, وبمقارنة بسيطه بين سلوكيات هذا الحاكم وسلوكيات الأخ العقيد نجد ان هناك تطابقاً عجيباً في سلوكهما, واعتقد ان سر إعجاب العقيد بالدوله الفاطميه يعود بالدرجه الأولى إلى إعجابه بشخصية الحاكم بأمر الله

من هو الحاكم بأمر الله ؟

هو الخليفه الذي الذي حكم الدولة الفاطمية من سنة ٣٨٦هـ إلى سنة ٤١١هـ .\”وقد كان هذا الحاكم عجيب التصرفات ، غريب الأفعال ، وقد عرف عنه أنه كثير التلون في أفعاله وأحكامه وكان يخترع الأحكام ويحمل الناس عليها ثم يأمر بنقضها .ومن قوانينه إجبار شعب مصرعلى تناول طعام معين ومنعهم عن غيره تحت طائلة السجن والقتل لكل من يعصي أمره, وكانت من أحكامه العجيبة أن يدعى الألوهية ، فكان قد أمر الناس إذا ذكر الخطيب على المنبر اسمه أن يقوم الناس على أقدامهم صفوفا إعظاما لذكره واحتراما لاسمه ، وأمر بذلك في جميع البلدان التي تتبعه ذلك في سائر ممالكه ، بل أمر أهل مصر خاصة أن يسجدوا لذكره.

وكان مقتله على يد الوزير عبدين بتدبير أخته ، في جبل المقطم ، وكان دأبه كل ليلة يذهب إلى تلك الجبال ليراغب النجوم ، فقاموا بقتله ( قطعوا يديه ورجليه وبقروا بطنه ) وكان شاهده الأخير حماره ( المدعو بالقمر ) والذي كان يسير معه في تجواله!!

وصل الفاطميون في أواخرعهدهم  إلى اقصى حالات التردي الممزوجه بالإستسلام للصليبين حيث صار إنتهاء الدوله الإسلاميه قاب قوسين او ادنى. هنا قيض الله للأمه بطل صنديد لدينه حافظ ..وعلى ارض أمته حارس أمين .. وبنصر الله له واثق . إنه الناصر صلاح الدين الأيوبي فقاد مصر قبل هلاكها على يد العبيديين ووحد شعبها مع اهل الشام ثم قاد الأمه الى معركة إسترجاع القدس الحاسمه فكانت معركة حطين اعزائي القراء  معركة حطين لم تكن مجرد معركة طارئة مثل مئات المعارك التاريخية، وإنما تميزت عن غيرها بأنها قد سبقت بمعارك كثيرة كانت بمثابة التمهيد لها ، كما أنها قد سبقت بأحداث عظام على أرض الواقع ، ولولا تلك الأحداث ما تمكن صلاح الدين من الوصول إلى ما وصل إليه من قوة استطاع أن يزلزل بها الأرض من تحت أقدام أعدائه ..

وأبرز تلك الأحداث هي القضاء على نظام الحكم الفاطمي أو العبيدي الذي يمثل أسوأ نظم الحكم في عصره ، هذا الحكم الذي كان سببا في سقوط بيت المقدس

من قبل بعد أن اغتصبه الفاطميون ثم تقاعسوا في الدفاع عنه وحمايته ، ولم يكتفوا بذلك بل صاروا يتعاونون مع الصليبيين ضد الحركات التحريرية في السر  تارة وفي العلن أخرى ، حتى وصلت الخيانه بشاور ـ الذي كان يمثل الوزير  الأعظم المدبر للدولة الفاطمية قبيل سقوطها ـ أن استدعى القوات الصليبية  ، وأغراها بالمال الوفير من أجل محاربة جيوش نور الدين زنكي ، تلك القوات التي وهبت نفسها لجهاد الصليبيين .

معظم الدول والممالك تبدأ قوية ثم تضعف لأسباب عديده, فالأمويون ضعفوا من بعد ان اوصلوا حضارة الإسلام الى شمال افريقيا والأندلس غرباً وطرقوا ابواب  القسطنطينية شمالاً ووصلت حضارتهم الصين شرقاً وكذلك صنع خلفاء عباسيون وايوبيون ومماليك وعثمانيون  نصراً وعلماً ,ولما إنتهت هذه  الحضارات لم تٌخلّف وراءها فئات باطنية او جماعات ترتدي ثوب الإسلام وتعمل

به تخريباً الا الفاطميه بعد ان تفككت هذه الدوله تركت وراءها طوائف باطنيه كالحشاشين  والزنادقه  والهراطقه ثم البهائيين والقاديانيين كلهم  خرجوا من عباءة الفاطميين وكان ضررهم على المسلمين كبيراً.

يعجب المرء عندما يقفز العقيد القذافي من فوق رؤوس الخلفاء الراشدين وصدقهم وعدلهم وإنتصاراتهم ويقفز من فوق رؤوس صانعي فتوحات الأمه ومن فوق رؤوس طاردي الصليبين والتتار من اراضي الأمه ليحط رحاله عند الفاطميين  فإني اراها دعوة لتفكيك الأمه العربيه والإسلاميه اكثر مما هي مفككه عليه  اليوم وهروباً من الإصلاح في بلده ومحافظة على ديكتاتورية قاتله وإبقاءاً على

معتقلات منصوبه لأبناء شعبه وهروباً من إستحقاق تسليم حكم الوطن لأبناء الوطن المخلصين .

السبت، 9 أكتوبر 2010

معلمنا العلامة: حسين علي محمد‏.. الأعلام لا تموت أبدًا‏..‏!

غريب ألا نجد الكلمات عندما يرحل الأحباء‏..‏ والأغرب منه ألا تعبر هذه الكلمات عندما نقولها عند الرحيل عما يجيش في صدورنا ويختلج في نفوسنا من أحاسيس ومشاعر هي مزيج من الفرقة والضياع والخوف من المجهول‏..‏ ونسأل أنفسنا‏:‏ لماذا لا نقول لمن نحب ومن ندين له بالفضل كله‏:‏ إننا نحبك‏..‏ وإننا نريدك‏..‏ وأنك النبات الحسن في روضتنا وأنك تدفئ قلوبنا ونفوسنا وعقولنا‏..‏ لماذا لا نقول هذا الكلام لأحبائنا وهم بيننا‏..‏ لماذا نحرمهم من هذا الكلام الجميل ولا نقوله لهم إلا عندما يرحلون عنا‏..‏؟!هذه رسالة نكتبها لك باسمك الذي نحبه مجردًا‏..‏ وأنت في عالم الزهور والرياحين والفراشات والعصافير الخضر‏..‏ عالم السلام والسكن والسكينة‏..‏ عالم بلا ألقاب وبلا أحقاد وبلا ضغائن‏..‏ وبلا نعوت‏..‏!
أكتب إليك هذه الرسالة في صفحتك‏..‏ الصفحة الثالثة التي ملكتها وخلقتها وأصبحت مسجلة في كتاب الأدب والنقد والشعر والثقافة عمومًا باسمك أنت وحدك‏..‏ورحل عن عالمنا الي رحاب الله‏,‏ أستاذ عظيم‏,‏ وأب عظيم‏,‏ وصديق عظيم‏,‏ وإنسان عظيم‏,‏ هو الشاعر الرقيق، وأستاذالنقد الأدبي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، رحمه الله ..‏..‏ وهكذا يختطف الموت من بيننا الأحباء الأعزاء‏,‏ وما أقسي وأصعب فراقهم‏,‏ وسبحان من له الدوام‏.‏.‏ كان د . حسين علي محمد، أستاذا عظيما‏..‏ تعلّمت منه الكثير‏,‏ الذي قدمه لنا بكل المحبة والإخلاص‏,‏ بكل تواضع الأساتذة الكبار‏,‏ فكان له نعم الأثر في حياتنا الثقافية,‏ علي امتداد ما يزيد علي الأربعين عامًا‏,‏ غرس خلالها في عقولنا وقلوبنا حب العمل والإخلاص‏,‏ ودقة الأداء‏,‏ وقيمة الالتزام‏,‏ ومبادئ وأخلاقيات المهنة السامية‏,‏ فكان نتاج كل ذلك عشقًا للإبداع الأصيل والملتزم‏,‏ ملأ نفوسنا وعقولنا‏,‏ وسري في عروقنا كالدم في الجسد يبعث فيه الحياة دوما‏,‏ وسوف نظل إلى ما شاء الله‏,‏ نسعى جاهدين للسير علي دربه‏,‏ بغرسه في نفوس وعقول أبنائنا من الأجيال الجديدة‏..هذه رسالة كنا نتمنى أن تقرأها وأنت بيننا شامخًا مرفوع الرأس‏..‏، لا أعرف هل يصل إليك كلامنا وأنت الآن في مقعد صدق عند مليك مقتدر‏..‏ لا أحد يعرف الجواب‏..‏ لأن لا أحد ممن ذهبوا قد عاد‏..‏كنا نذهب ونروح ونجيء ونعود وأنت باق بيننا‏..‏ الكل يذهب ويعود ولكن الهرم وحده هو الذي يبقي‏..‏ هكذا كان شعورنا بك‏..‏ !!تأخذنا الأيام منك وتبعدك الحياة عنا‏..‏ ولكننا نشعر أنك موجود‏..‏ تشعر بنا وتعيش فرحنا وتتألم لآلامنا‏..‏ قد نغيب عنك‏..‏ ولكننا دائما في فكرك‏..‏ في عقلك‏..‏ في قلبك الكبير‏..‏!ولكنك هذه المرة خلفت المواعيد وفردت شراعك ونفخت فيه من روحك وأبحرت في نهر بلا عودة‏..‏!عزيزنا د. حسين علي محمد‏:‏ مازالت شمسك مشرقة ومازلنا جذورك وزهورك ورياحينك التي زرعتها في الأرض‏..‏ ها نحن نغمس أقلامنا في دمعنا ونقول لمن رحل عنا دون كلمة وداع ما قاله أحمد شوقي‏:‏مولاي وروحي في يده‏..‏ قد علمها سلمت يده‏..‏ناقوس القلب يدق له‏..‏ وحنايا الأضلع مرقده‏..‏عزيزنا الدكتور حسين علي محمد ‏:‏ نم هانئًا وتأكَّد أن كثيرًا من الرجال في هذا الزمان قد يصبح بقاؤهم رحيلا‏..‏ وقليل من الرجال أمثالك يصبح رحيلهم بقاءً وخلودًا‏..‏ فالأقلام النبيلة لا تموت أبدا‏..‏ ولكن فقط يجف منها المداد‏..‏!
‏..‏ ويا أستاذنا الجميل‏..‏ العظيم د. حسين علي محمد‏..‏ من قلوبنا ندعو الله سبحانه وتعالي لك بالرحمة الواسعة وجنات النعيم‏,‏ وسوف نفتقدك دوما‏,‏ فلك في نفوسنا قدر غير محدود من الود والحب‏,‏ ومن التقدير والاحترام‏,‏ ونسألك ربنا أن تلهم أسرته وتلهمنا الصبر الجميل‏,‏ ووداعا نجم النجوم وأستاذ الأساتذة ‏,‏ والي لقاء مكتوب موعده عنده سبحانه وتعالى‏.‏