هشام يوسف | 28-09-2011 00:54
تماهى المجلس العسكري مع أشواق المصريين في تحقيق مطالبهم المشروعة لتحقيق شعار الثورة: "عيش؛ حرية؛ عدالة اجتماعية"، ولم يظل شاهدًا على الأحداث الثورية، بقدر ما كان مشاركًا في تحقيقها ومستلهمًا روحها البريئة، وحاضنًا، وحاميًا لفعالياتها النقية، التي لم يعرف التاريخ الإنساني بأسره، عفوية، وطهارةً، أو تعاطيًا سلميًا وحضاريًا، شبيهًا لها..
وظلت تحية اللواء محسن الفنجري، لشهداء الثورة، عالقةً في أذهان المصريين، تضرب بعمق على أوتار عاطفتهم، دليلاً آخر على تحضُّر قادة الجيش المصري، بل كان لهذه التحية مفعول السحر، وزادت من رصيد المجلس محبة، وتقديرًا في قلوبهم، كقادة تاريخيين، واستثنائيين، بادروا بتسلم مسؤولياتهم أمام الله تعالى ثم التاريخ، برغم ما اعترى مسيرتهم من عقبات ومطبّات، بعضها طبيعي والآخر، اصطناعي، ومدبّر..، فضلاً عن عدم التعاطي الفعّال بالسرعة المطلوبة مع ملفات شائكة، وقابلة للانفجار في أي وقت، وتركها نهبًا للصدفة المطلقة دونما اتخاذ التدابير اللازمة لاحتواء ظواهرها الخارجة عن النص الوطني، والقيمي، سواء من بعض النخب، التي لم تَفُق من هول صدمة انزياح نعيم السلطة عنها، وهي مَنْ تماهت معه، فسادًا، ومصلحةً واستفادة، وراحت تبحث لها عن موطأ قدم لدى سلطة جديدة، بل وتفرض شروطها الخارجة عن الإجماع الوطني، الذي حدّده استفتاء مارس التاريخي، ومحاولاتها البائسة، والتي تبعث على الرثاء في إطالة أمد سلطة العسكر في السلطة، نكايةً في بعض التيارات الوطنية الأخرى، المؤهلة لحصد الاستحقاقات في الانتخابات النيابية، كعقاب لمصر لخياراتها الديمقراطية- فضلاً عن افتقار المجلس إلى خطة لإدارة الأزمات المفتعلة، والمقصودة؛ لإجهاض الثورة، وظهر ذلك جليًا في ملفين رئيسين: الانفلات الأمني المروّع، والمقصود، للحيلولة دون اكتمال الثورة؛ والثاني: تأخر رد الفعل في التعامل مع المطالبات الانتهازية التي يقودها، عمال لا ينتجون، ومعلمون لا يدرسون، وأطباء مضربون.. شكّلت هذه الظواهر حوائط سد ضخمة، أمام المجلس العسكري، وحكومة تسيير الأعمال، التي بدت مرتعشة، وغير قادرة على البناء !
وبعد الاستجابات المتوالية للمجلس العسكري تحت ضغط الشارع، وتقديم المخلوع ونجليه ووزير داخليته، وقادة أفرع الوزارة، وغيرهم من لصوص المال العام، ناهبي ثروات الوطن للمحاكمات الجنائية؛ اكتسب المجلس أرضية كبيرة، كتلك التي توهجت بها الثورة في أيامها الأولى مع صدور أول بياناتها الداعمة لحقوق المشروعة لهذا الشعب العظيم،
وبالرغم من محاولات المعاندة التي اعترت المجلس لرغبات الشعب وأشواقه في إزاحة كل شخص، تعلّق بنظام المخلوع، وبدا ذلك واضحًا في تمسكه بحكومة شفيق، وبعد ذلك بيحيى الجمل، مهندس الحوار الوطني، والذي دعا للعفو والتسامح عن رجال الحزب المحظور وما لمسه الجميع من ردة قوية إزاء الحريات العامة، سواء في المضي قدمًا في تمديد قانون الطوارئ، رغم عدم دستوريته، ثم الزعم مؤخرًا ببعث دستور 1971م الميت من جديد، بعد الاستفتاء الشعبي، وصدور الإعلان الدستوري الأول الذي ألغاه؛ ومحاولات التضييق على الإعلام الفضائي، واقتحام قناة الجزيرة مباشر مصر، بدعوى عدم حصولها على التراخيص اللازمة..! أضف إلى ذلك، تناثر الإشاعات السوداء، من محاولات إفاقة لأعضاء الحزب الوطني المحظور، وما روّج له البعض من توريط المجلس العسكري في أشياء لا يتخيّلها عقل، مثل: "الدفع بقيادات الحزب الوطني المنحل لتشكيل أكثر من سبعة أحزاب، وإتاحة كل الفرص لهم لجمع أكثر من مليار ونص مليار جنيه لترتيب أوضاعهم وتنظيم صفوفهم، ثم حجز مقاعدهم " مقدمًا" في جميع اللقاءات والحوارات والمنتديات، الرسمية وغير الرسمية، والدفع بهم مؤخرًا في وسائل الإعلام المملوكة للدولة في محاولة تجميل صورة المجلس العسكري بذات طريقة تجميل نظام مبارك السابق .. بل وبنفس الحروف والألفاظ ! مستبعدًا قانون الغدر من التفعيل بعد إقراره، انتهاءً باللغط الشديد المفتعل الذي صاحب شهادة المشير في المحكمة!
أقول: إن المجلس العسكري، وإن شاب خطواته البطء، والتعثر، وتخبط بعض قراراته خاصةً في أزمة قانون انتخاب مجلسي الشعب والشورى، ومهما وشى به الواشون، أو تربص به المتربصون، سيظل، خارج التقويم، لإخلاصه في إدارة الوطن، والذود عن حياضه، وسلامة المواطنين، منذ إرهاصات الثورة الأولى، حاضنًا وحاميًا ومشاركًا، ويبقى له أن يعلن عن جدول زمني لتسليم زمام البلاد للسلطة الجديدة المنتخبة، لتدير شؤون البلاد، لتدور العجلة من جديد.. ولن تستطيع أية قوة كائنة ما كانت بما فيها فلول الحزب المحظور، أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء، أمام قطار ثوري، ناهض ووثّاب، يرمق دربه بخطى واثقة، يتقدّم للأمام غير آبه بكارهي الثورة، الطفيليين الذين عاثوا فسادًا، وارتبطوا برموز نظام المخلوع، مصلحيًا، و سياسياً واقتصاديًا و ربما أسريًا ! ومحاولاتهم البائسة للالتفاف عليها.. لن تزيد الثوار إلا عزمًا وتضحيةً لولادة فجر جديد لمصر النهضة .. مصر الأمّة، الرائدة والقائدة والملهمة كما هي دومًا في سفر الوجود...!
همسة:
وللحرية الحمراء، بابٌ ..... بكل يدًّ مضرجة، يُدَقُ ...!
تابعوني على تويتر: https://twitter.com/#!/heshamyousuf |
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق