السبت، 4 أبريل 2015

لكن خشينا عليك وقفة الخجل..!

وما طردناك من بخل و لا قلل
لكن خشينا عليك وقفة الخجل..!
  
قصة من يقرأها يستلذ بروعة ختامها من شعر رائع ، ولن تفهمها إلا إذا قرأت أولها..!

كان فيما مضى شاب ثري ثراءً عظيمًا وكان والده يعمل بتجارة الجواهر والياقوت وكان الشاب يؤثر على أصدقائه أيما إيثار وهم بدورهم يجلّونه ويحترمونه بشكل لا مثيل له..

ودارت الأيام دورتها ويموت الوالد وتفتقر العائلة افتقارًا شديًدا؛ فقلب الشاب أيام رخائه؛ ليبحث عن أصدقاء الماضي.

فعلم أن أعز صديق كان يكرمه ويؤثر عليه وأكثرهم مودةً وقربًا منه قد أثرى ثراءً لا يوصف وأصبح من أصحاب القصور والأملاك والضياع والأموال..!

فتوجه إليه عسى أن يجد عنده عملاً أو سبيلاً؛ لإصلاح حاله.

 فلما وصل باب القصر استقبله الخدم والحشم؛ فذكر لهم صلته بصاحب الدار وما كان بينهما من مودة قديمة؛ فذهب الخدم فأخبروا صديقه بذلك؛ فنظر إليه ذلك الرجل من خلف ستار؛ ليرى شخصًا رث الثياب عليه آثار الفقر فلم يرض بلقائه وأخبر الخدم بأن يخبروه أن صاحب الدار لا يمكنه استقبال أحد..!

فخرج الرجل والدهشة تأخذ منه مأخذها وهو يتألم على الصداقة كيف ماتت وعلى القيم كيف تذهب بصاحبها بعيدًا عن الوفاء؛ وتساءل عن الضمير كيف يمكن أن يموت وكيف للمروءة ألا تجد سبيلها في نفوس البعض؟!

ومهما يكن من أمر فقد ذهب بعيدًا ..... وقريبًا من دياره, صادف ثلاثة من الرجال عليهم أثر الحيرة وكأنهم يبحثون عن شئ، فقال لهم: ما أمر القوم ؟ قالوا له: نبحث عن رجل يدعى فلان ابن فلان وذكروا اسم والده، فقال لهم: إنه أبي وقد مات منذ زمن؛ فحوقل الرجال وتأسفوا وذكروا أباه بكل خير، وقالوا له: إن أباك كان يتاجر بالجواهر وله عندنا قطع نفيسة من المرجان كان قد تركها عندنا أمانة؛ فاخرجوا كيسًا كبيرًا قد ملئ مرجانًا؛ فدفعوه إليه ورحلوا والدهشة تعلوه وهو لا يصدق ما يرى ويسمع .. ولكن ..!

أين اليوم من يشتري المرجان؛ فان عملية بيعه تحتاج إلى أثرياء والناس في بلدته ليس فيهم من يملك ثمن قطعة واحدة..

مضى في طريقه وبعد برهة من الوقت, صادف امرأة كبيرة في السن عليها آثار النعمة والخير، فقالت له: يا بني أين أجد مجوهرات للبيع في بلدتكم؟!
 فتسمَّر الرجل في مكانه ليسألها عن أي نوع من المجوهرات تبحث؟ فقالت أي أحجار كريمة رائعة الشكل ومهما كان ثمنها..!

فسألها إن كان يعجبها المرجان؟
 فقالت له: نعم المطلب فأخرج بضع قطع من الكيس؛ فاندهشت المرأة لما رأت فابتاعت منه قطعًا ؛ ووعدته بأن تعود لتشتري منه المزيد..!

وهكذا عادت الحال إلى يسر بعد عسر وعادت تجارته تنشط بشكل كبير؛ فتذكَّر بعد حين من الزمن ذلك الصديق الذي ما  أدَّى حق الصداقة؛ فبعث له ببيتين من الشعر بيد صديق جاء فيهما:

صحبت قومًا لئامًا لا وفاء لهم
يدعون بين الورى بالمكر والحيل
كانوا يجلونني مذ كنت رب غنى
وحين أفلست عدوني من الجهل..!

فلما قرأ ذلك الصديق هذه الأبيات كتب على ورقة ثلاثة أبيات وبعث بها إليه جاء فيها:
أما الثلاثة قد وافوك من قبلي
ولم تكن سببًا إلا من الحيل
أما من ابتاعت المرجان والدتي
وأنت أنت أخي بل منتهى أملي
وما طردناك من بخل ومن قلل
لكن عليك خشينا وقفة الخجل..!

لذلك أحسنـــوا الظن..!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق